عن أبي أمامة ، قال: إن فتى شابّاً أتى النّبيّ «ص» فقال: يا رسول اللّه: ائذن لي بالزّنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه، مه، فقال: ادنه، فدنا منه قريباً، قال: فجلس قال «ص»: أتحبه لأُمّك؟ قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداءك، قال: ولا النّاس يحبونه لأُمهاتهم، قال: أفتحبُّه لابنتك؟ قال: لا واللّه، يا رسول اللّه، جعلني اللّه فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأُختك؟ قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبّه لعمتّك؟ قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداءك، قال: ولا الناس يحبُّونه لعمّاتهم، قال: أفتحبّه لخالتك؟ قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداءك، قال: ولا الناس يحبّونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه، وقال: اللّهمّ اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصِّن فرجه، فلم يكن بعد -ذلك الفتى- يلتفت إلى شيء.
راجع مسند أحمد ج5 ص256-257.
هذا الحديث بغض النظر عن سنده -حيث أنه مروي في كتب العامة- إلا أن مضمونه لاغبار عليه، وموافق للموازين العقلائية المتبعة في أساليب التعامل مع هكذا حالات...
فالعاقل إذا واجه شخصا منحرفاً فانه لابد أن تكون ردة فعله تجاهه مدروسة، بحيث تكون النتائج إيجابية أو على الأقل لاتكون سلبية، فعليه أن يقيم الموقف بالتقييم الصحيح، وعلى ضوئه يبني ردة فعله.
فقد تكون ردة الفعل المناسبة هي الإعراض عن هذا الشخص المنحرف إذا كان ممن لاينفع معه الكلام ولايرجى له الهداية، لذا قال تعالى في حق بعض الناس {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ * خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}.
وقد تكون ردة الفعل المناسبة هي إيقاظ ضمير هذا المنحرف وتنبيهه من غفلته بالحوار وبالتي هي أحسن إذا كان ممن ينفع معه الحوار، وبالتالي فانه بشكل تلقائي سيتراجع عن موقفه الانحرافي وسيتغير موقفه تبعا لصحوة ضميره كما حدث لهذا الشاب الذي تغيرت قناعاته تجاه الزنا -والعياذ بالله- بعد الحوار الذي أجراه معه النبي (ص) كما في هذا الحديث...
وقد تكون ردة الفعل المناسبة مع بعض الناس هي الشدة والحزم، كما إذا كان المنحرف إنسانا متغطرسا ومعاندا ويريد نشر الفساد بين الناس كما يحلو له، فان مثل هذا الشخص لابد من الوقوف في وجهه بحزم وشدة ومنعه من نشر الرذيلة والفساد بين الناس... وهكذا ...
ولذا نرى بأن الفقهاء يذكرون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عدة أساليب ويشترطون فيه عدة شرائط ينبغي على المؤمن التعرف عليها حتى يؤدي وظيفته الشرعية على أكمل وجه.
والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق