مشاركة ثابتة

نبذة عن مدونة الشباب الواعي

بسم الله الرحمن الرحيم إن هذه المدونة : تهتم بأمرين : الأول: تهتم بشؤون الشباب المسلم الواعي الذي يهمه معرفة ما يجري حوله من غزو فكري وثقاف...

السبت، 4 يوليو 2020

الشباب والوالدين

بسم الله الرحمن الرحيم
الكلام حول علاقة الشاب بوالديه كثير جداً ، وذو أهمية بالغة ... 
فهذه المسألة تشمل بر الوالدين وعقوقهما ورضاهما وسخطهما وطاعتهما ومعصيتهما وما شابه ذلك ..
ولا أريد هنا الإطالة في بيان أهمية هذا الموضوع فربنا عز وجل أوصى بالوالدين في كتابه العزيز قائلاً : { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } وكما ترى فقد قرن شكرهما بشكره سبحانه ، ولهذا الشيء من الدلالات ما لا يخفى على المتأملين.
وكذلك قال تعالى -الإسراء 23- :
{وقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}
وسيأتي علينا يوم -نحن الشباب- نكون فيه آباء وسنتأمل من أبنائنا أن تكون علاقتهم بنا علاقة مثالية ملؤها البر والرحمة والحنان ... فإن كنا قد عاملنا والدينا بالإحسان فلنبشر أنفسنا بذلك وأن أبناءنا سيفعلون بنا كذلك ، وإلا فلا .
وعلى كل حال ..
عزيزي الشاب ... 
أخشى أن تمل من حديثي إن أطلت عليك ...
ولذا سأكتفي منك بأن تتأمل معي حديثاً ودعاءً :

أما الحديث فهو :
عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : إن رسول الله ( صلى الله عيه وآله ) حضر شابا عند وفاته ، فقال له : قل : لا إله إلا الله . قال : فاعتقل لسانه مرارا ، فقال لامرأة عند رأسه : هل لهذا أم ؟ قالت : نعم ، أنا أمه . قال : أفساخطة أنت عليه ؟ قالت : نعم ، ما كلمته منذ ست حجج .
قال لها : أرضي عنه . قالت : رضي الله عنه يا رسول الله برضاك عنه .
فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . قل : لا إله إلا الله . قال : فقالها . فقال
النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما ترى ؟ فقال : أرى رجلا أسود ، قبيح المنظر ، وسخ الثياب ، منتن الريح ، قد وليني الساعة فأخذ بكظمي .
فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) قل : " يا من يقبل اليسير ، ويعفو عن الكثير ، اقبل مني اليسير ، واعف عني الكثير ، إنك أنت الغفور الرحيم " فقالها الشاب ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) : انظر ما ترى ؟ قال : أرى رجلا أبيض اللون ، حسن الوجه ، طيب الريح ، حسن الثياب ، قد وليني ، وأرى الأسود وقد ولى عني . قال : أعد ، فأعاد . قال : ما ترى ؟ قال : لست أرى الأسود ، وأرى الأبيض قد وليني ، ثم طفا على تلك الحال .
الأمالي للشيخ الطوسي ص65.
وقد قال الشيخ عباس القمي رحمه الله في كتابه منازل الآخرة تعليقا على هذا الحديث:
تأمل في هذا الحديث جيدا ، وانظر كم هو أثر العقوق فمع ان هذا الشاب كان من الصحابة وان نبي الرحمة ( صلى الله عليه وآله ) قد عاده زائرا وجلس عند وسادته ، ولقنه بنفسه الشريفة كلمة الشهادة ، ومع كل ذلك فلم يتمكن على النطق بتلك الكلمة إلا بعدما رضيت عنه أمه ، وحينئذ انطلق لسانه فقال كلمة الشهادة.
منازل الآخرة والمطالب الفاخرة ص111 .

وأما الدعاء فهو :
في الصحيفة السجادية في دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام لوالديه :
((.. اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف وأبرهما بر الأم الرؤوف ، واجعل طاعتي لوالدي ، وبري بهما أقر لعيني من رقدة الوسنان وأثلج لصدري من شربة الظمآن حتى أوثر على هواي هواهما ، وأقدم على رضاي رضاهما ، وأستكثر برهما بي وإن قل ، وأستقل بري بهما وإن كثر . اللهم خفض لهما صوتي ، وأطب لهما كلامي ، وألن لهما عريكتي وأعطف عليهما قلبي ، وصيرني بهما رفيقا ، وعليهما شفيقا . اللهم اشكر لهما تربيتي ، وأثبهما على تكرمتي ، واحفظ لهما ما حفظاه مني في صغري ...... 
إلى أن قال عليه السلام في آخر الدعاء :
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ اغْفِرْ لِي بِدُعَائِي لَهُمَا ، وَ اغْفِرْ لَهُمَا بِبِرِّهِمَا بِي مَغْفِرَةً حَتْماً ، وَ ارْضَ عَنْهُمَا بِشَفَاعَتِي لَهُمَا رِضًى عَزْماً ، وَ بَلِّغْهُمَا بِالْكَرَامَةِ مَوَاطِنَ السَّلَامَةِ .
اللَّهُمَّ وَ إِنْ سَبَقَتْ مَغْفِرَتُكَ لَهُمَا فَشَفِّعْهُمَا فِيَّ ، وَ إِنْ سَبَقَتْ مَغْفِرَتُكَ لِي فَشَفِّعْنِي فِيهِمَا حَتَّى نَجْتَمِعَ بِرَأْفَتِكَ فِي دَارِ كَرَامَتِكَ وَ مَحَلِّ مَغْفِرَتِكَ وَ رَحْمَتِكَ ، إِنَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ، وَ الْمَنِّ الْقَدِيمِ ، وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )) .
 الصحيفة السجادية، دعاء رقم24 ص37 .

* وختاماً اعلم أن بر الوالدين ليس فقط في حال حياتهما بل حتى بعد موتهما ، فالابن البار لا ينسى والديه بعد الموت بل يدعو لهما ويبعث لهما الهدايا من قرآن وصلوات وأدعية وغير ذلك من الخيرات ، ومن هنا نعرف كيف صار الولد الصالح من الصدقة الجارية التي يخلفها الإنسان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق