ينقل الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كتاب الأمالي قصة طويلة عن شاب في زمن النبي الأعظم (ص) كان ينبش القبور ويأخذ الأكفان لمدة طويلة، فجاء هذا الشاب إلى النبي (ص) وأخبره بجرمه، فكان مما قاله النبي (ص) له: إني أخاف أن أحترق بنارك، فما أقربك من النار!!
وشدة موقف النبي (ص) معه سببها فظاعة وشناعة الجرم الذي ارتكبه هذا الشاب.
إلا أن هذا الشاب كان جاداً في توبته، وكان ندمه حقيقياً.
لذا ذهب إلى بعض جبال المدينة وغل يديه إلى عنقه، وبقي هناك يتعبد، فلما تمت له أربعون يوما وليلة رفع يديه إلى السماء ، وقال: اللهم ما فعلت في حاجتي؟ إن كنت استجبت دعائي وغفرت خطيئتي، فأوح إلى نبيك، وإن لم تستجب لي دعائي ولم تغفر لي خطيئتي وأردت عقوبتي، فعجل بنار تحرقني أو عقوبة في الدنيا تهلكني، وخلصني من فضيحة يوم القيامة.
فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه (صلى الله عليه وآله) آية: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.
فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (ص)، خرج وهو يتلوها ويتبسم، فقال لأصحابه: من يدلني على ذلك الشاب التائب؟
فقال معاذ: يا رسول الله، بلغنا أنه في موضع كذا وكذا.
فمضى رسول الله (ص) بأصحابه حتى انتهوا إلى ذلك الجبل ، فصعدوا إليه يطلبون الشاب، فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين ، مغلولة يداه إلى عنقه، وقد اسود وجهه، وتساقطت أشفار عينيه من البكاء وهو يقول: سيدي، قد أحسنت خلقي، وأحسنت صورتي، فليت شعري ماذا تريد بي، أفي النار تحرقني؟ أو في جوارك تسكنني؟ اللهم إنك قد أكثرت الاحسان إلي، وأنعمت علي، فليت شعري ماذا يكون آخر أمري، إلى الجنة تزفني، أم إلى النار تسوقني؟ اللهم إن خطيئتي أعظم من السماوات والأرض، ومن كرسيك الواسع وعرشك العظيم، فليت شعري تغفر لي خطيئتي، أم تفضحني بها يوم القيامة؟ فلم يزل يقول نحو هذا وهو يبكي ويحثو التراب على رأسه، وقد أحاطت به السباع، وصفت فوقه الطير، وهم يبكون لبكائه،
فدنا رسول الله (ص) فأطلق يديه من عنقه، ونفض التراب عن رأسه، وقال: يا بهلول، أبشر فإنك عتيق الله من النار.
ثم قال (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: هكذا تداركوا الذنوب كما تداركها بهلول، ثم تلا عليه ما أنزل الله عز وجل فيه وبشره بالجنة.
راجع كتاب الأمالي للشيخ الصدوق صفحة 100.
ملاحظة/ الرواية طويلة وفيها بعض التفاصيل الأخرى، فمن أحب الاطلاع عليها بالكامل فليرجع إلى المصدر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق