لا يحتاج أن أسطر الصفحات هنا من أجل التأكيد على أهمية القراءة للكتب المفيدة والنافعة.. فليس قيمة الشخص بقيمة الثوب الذي يلبسه، أو الحذاء الذي يرتديه، أو الطعام الذي يأكله... وإنما "قيمة كل امرأ ما يحسنه" كما في الرواية الشريفة عن أمير المؤمنين (ع).. راجع بحارالأنوار ج74 ص384.
وتتأكد أهمية القراءة في حق الشاب أكثر من غيره، لأن قابليته للاستفادة مما يقرأه ويتعلمه أكثر من غيره، فقد ورد عن النبي (ص): "من تعلم في شبابه كان بمنزلة الرسم في الحجر، ومن تعلم وهو كبير كان بمنزلة الكتاب على وجه الماء". بحار الأنوار ج1 ص222.
ولكن إن لم تكن أخي الشاب ممن عود نفسه على القراءة للكتب وتجد ثقلا في ذلك، فعلى الأقل اقرأ في أيام المناسبات الدينية المهمة عن المناسبة التي مرت بك..
فمثلا إذا مر عليك مولد أو وفاة النبي الأعظم (ص) أو أحد أهل بيته المعصومين (ع) ففي يوم هذه المناسبة التي مرت عليك اقرأ عن صاحب المناسبة..
وهكذا مع مرور الوقت سترى أنه اجتمع عندك رصيد جيد من المعلومات الثقافية الدينية حول قادتك عليهم السلام..
وهكذا إذا مر عليك مثلا شهر رمضان اقرأ عن أسرار الصيام وفوائده..
وإذا مر عليك شهر ذي الحجة اقرأ عن الحج وأسراره..
وإذا مر عليك عيد الغدير الأغر الذي هو يوم تنصيب أمير المؤمنين (ع) اقرأ عن إمامة أمير المؤمنين (ع)..
وهكذا دواليك...
واحرص أن تقرأ للعلماء والمحققين وذوي الاختصاص ومن تثق بعلمهم وفهمهم وأمانتهم في نقل المعلومة..
اقرأ في الكتب المعتبرة، وان لم تعرفها اسأل عنها العلماء يدلونك عليها..
هناك على شبكة الانترنت للكثير من العلماء (وفيهم مراجع دين) مواقع الكترونية وتوجد على هذه المواقع مؤلفاتهم، وهناك مواقع لمؤسسات علمية باشراف علماء دين كبار، اعتمد على مثل هكذا مواقع وقم بتنزيل المؤلفات والكتب والمقالات منها.. وهكذا.
ولكن عليك أن تعرف كيف تقرأ أي كتاب بطريقة واعية ومفيدة ومنظمة؟
يجيب على هذا التساؤل الشهيد مرتضى مطهري (رحمه الله) بقوله:
في قراءة الكتاب: فإن الإنسان تارة يطالعه مرة واحدة، قراءة عابرة لأجل الالتذاذ به، ولكن بهذه القراءة الخفيفة، لا يتمكن من تقییم محتويات الكتاب، فيجب أن يقرأه ثانية.
وكل ذکراة، مهما كانت قوية، تفتقر إلى قراءة الكتاب الجدير بالقراءة، مرتين على الأقل، وبصورة متوالية، وبعد ذلك يحاول التحقيق حول كل فكرة من ذلك الكتاب، وتمحيصها وتحليلها، وملاحظة المطالب التي سيحتفظ بها في ذاكرته.
ثم بعد ذلك يحاول أن يقرأ كتابا آخر في الموضوع نفسه، الذي يدور حوله الكتاب السابق، حتى لا يمتلىء ذهنه بموضوعات متعددة ، متباينة وبصورة غير منظمة.
وهنا يحاول قدر الإمكان، أن يملا ذهنه، بما له علاقة بالموضوع نفسه، ليكون أكثر تعرفا إليه، وأكثر ترسيخا في ذهنه.
فمن الخطأ أن يقرأ كتابا، وقبل التعرف إلى محتوياته ومضامينه، والتحقيق حولها وهضمها ينتقل لكتاب آخر يختلف عنه في موضوعه، فيقرأ في هذا اليوم كتابا في التأريخ، وغدا كتابا في الفلسفة، وبعد غد كتابا في العلوم الدينية، وهكذا، ينتقل في كل يوم من كتاب إلى آخر، يختلف عنه في الموضوع، حيث تختلط الأفكار في ذهنه.
الإنسان الرشيد يبحث عن الكتب المفيدة له، ويجمعها، ويكرر قراءتها ثم يلخصها، وهذه الخلاصة يودعها في ذاكرته، ثم بعد ذلك ينتقل لموضوع آخر.
ومثل هذا الفرد، حتى لو كانت ذاكرته ضعيفة، لكنه رغم ذلك، أكثر استفادة وانتفاعا من الشخص المتخبط في قراءته، وإن كان قوي الذاكرة.
ويكون مثله كالشخص الذي يمتلك مكتبة منظمة في موضوعاتها وتوزيع كتبها، حيث يتمكن وبلحظة واحدة أن يتعرف إلى موضع أي كتاب، ولكن هناك من يمتلك مكتبة كبيرة واسعة، وكتبا كثيرة، ولكنها متراكمة غير منظمة، لا يستطيع العثور على كتاب واحد إلا بعد ساعتين.
المصدر: الفكر الإسلامي وعلوم القرآن (ضمن سلسلة تراث وآثار الشهيد مرتضى مطهري) ص478-479.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق