من المسائل الحساسة جدا والتي ينبغي أن نأخذها بعين الإعتبار هي مسألة الخلوة بالمرأة الأجنبية..
فإن المتأمل في تعاليم الإسلام بشكل عام، وفي ما ورد في مسألة الخلوة بالأجنبية بشكل خاص:
يرى بوضوح أن الإسلام تعامل بحذر شديد مع هذا الموضوع، ولم ينظر إلى الخلوة نظرة عادية وعابرة، بل اعتبرها أمرا حساسا للغاية قد يؤدي بالإنسان إلى الانزلاق والوقوع في الفتنة والحرام...
فمن التعاليم العامة:
أنه شجع النساء على الإستقرار في بيوتهن، وعدم مزاحمة الرجال والاختلاط بهم، بل بعض الروايات تقول أنه على المرأة حينما تسير في الطريق أن تسير على جانب الطريق ولا تسير في وسطه ... فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس للنساء من سروات الطريق شئ، ولكنها تمشي في جانب الحائط والطريق).
فهذه التعاليم الإسلامية وشبهها وان كانت غير ناظرة لمسألة الخلوة بشكل مباشر، إلا أنها تعطينا نظر الشارع بشكل عام حول أهمية تعفف المرأة واحتشامها وعدم تعريض نفسها للاختلاط بالرجال فضلا عن الإختلاء بهم.
هذا بشكل عام، وبشكل خاص:
أيضا وردت بعض الروايات الشريفة التي تناولت مسألة الخلوة بشكل صريح وبينت خطرها...
ومن الروايات الجميلة التي تستحق التأمل في هذا المجال، الرواية التالية:
روي عن محمد الطيار قال:
"دخلت المدينة وطلبت بيتا أتكاراه فدخلت دارا فيها بيتان بينهما باب وفيه امرأة ، فقالت :
تكاري هذا البيت؟
قلت: بينهما باب وأنا شاب،
قالت: أنا أغلق الباب بيني وبينك، فحولت متاعي فيه
وقلت لها: اغلقي الباب،
فقالت: تدخل علي منه الروح دعه،
فقلت: لا أنا شاب وأنت شابة أغلقيه،
قالت: أقعد أنت في بيتك فلست آتيك ولا أقربك، وأبت أن تغلقه!!
فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فسألته عن ذلك،
فقال: تحول منه فإن الرجل والمرأة إذا خليا في بيت كان ثالثهما الشيطان".
من لا يحضره الفقيه ج3 ص252.
أنظر كيف الإمام عليه السلام يأمر هذا الرجل بأن يترك هذا المكان حتى لا يختلي بالأجنبية، وقال له: (تحول منه) !!
ثم بين الإمام (ع) له لماذا عليه أن يترك المكان بقوله: (فإن الرجل والمرأة إذا خليا في بيت كان ثالثهما الشيطان)..
اذن علينا جميعا وبالخصوص الشباب منا أن ننتبه وأن لا نتساهل في هذا الموضوع..
خصوصا أنه من الناحية الشرعية إذا كانت الخلوة بالأجنبية سببا للوقوع في الحرام فانها تكون محرمة وغير جائزة..
(وعلى كل شخص أن يرجع إلى فتاوى مرجع تقليده في تفاصيل المسألة).
ورغم حساسية وخطورة هذا الموضوع نرى للأسف وجود تساهل واضح من أفراد المجتمع في التعامل معه..
ونشير هنا إلى بعض مظاهر هذا التساهل في هذا الموضوع:
- اختلاء سائق الباص أو سائق سيارة الأجرة بالمرأة الأجنبية في السيارة وليس معهما شخص ثالث..
- اختلاء الموظف في مكتب عمله بموظفة أخرى معه في المكتب من دون أن يكون معهما ثالث..
- اختلاء الرجل بالأجنبية في المصعد الكهربائي (اللفت) بدون أن يكون هناك ثالث معهما..
الى غير ذلك من المظاهر الموجودة في مجتمعنا بشكل ملفت للأسف..
مع أن المطلوب -كما قلنا في بداية الموضوع- وفق تعاليم ديننا الحنيف أن نتعامل مع الخلوة بالأجنبية بكامل الحذر وبالاحتياط التام..
فاذا لم تكن هناك ضرورة مسوغة للاختلاء فعلينا أن نتركه..
ومع الاضطرار للاختلاء على الإنسان أن يراقب نفسه ويراقب أقواله وأفعاله.. فلا يطلق العنان للسانه ولحركاته..
فلا يستغرق في الكلام والسوالف والمزح والضحك، بما يؤدي شيئا فشيئا إلى كسر الحواجز والوقوع فيما لايرضي الله عز وجل..
فان الشيطان في كثير من الأحيان لايأتي مباشرة ويقول للانسان افعل الحرام، وإنما يوقع الانسان في الفخ بشكل غير مباشر..
وكما قال الشاعر:
نظرة فابتسامة فسلام .... فكلام فموعد فلقاء
وأخيرا :
على الإنسان اذا اضطر للاختلاء بالأجنبية أن يلجأ إلى الله عز وجل بصدق وأن يطلب منه العون والمدد ليعصمه عن الوقوع في الفتنة والحرام..
وعلينا أن نأخذ العبرة من قصة النبي يوسف (ع) -مع زليخا ومراودتها له- فهو من ناحية التجأ إلى الله وطلب منه المدد بإخلاص، ومن ناحية أخرى فضل السجن على الوقوع في الحرام..
قال تعالى -عن لسان النبي يوسف (ع)- في سرد قصته مع زليخا وبقية النسوة:
{... قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
سورة يوسف آية 33-34.
والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق