بسم الله الرحمن الرحيم
قبل الجواب على هذا السؤال علينا أن نلتفت الى نقطة مهمة وهي أننا نحن الذين نفضح أنفسنا بفعل الذنوب!
لكن كيف يحصل هذا؟؟
الجواب أن كل عمل نقوم به له أثر متناسب معه، فان كان عملا حسنا وطاعة يصير له أثر نوراني.
وإن كان عملا سيئا ومعصية يصير له أثر ظلماني.
وهذه معادلة قد لا يدركها في الدنيا إلا الخواص من الناس الذين وصلوا إلى مرتبة من اليقين والإيمان بحيث يستطيعون مشاهدة آثار الأعمال، ولكن في الآخرة حيث تبلى السرائر وتنكشف الحقائق وترتفع الحجب، تصير هذه الآثار واضحة وبينة، فينفضح صاحب الاعمال السيئة بسبب ما قام به من أعمال ومعاصي.
لذا ورد عن الإمام الرضا، عن آبائه عليهم السلام أنه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: (تعطروا بالاستغفار لا تفضحكم روائح الذنوب). بحار الأنوار ج90 ص278.
فهذه الرواية صريحة في أن الذنوب هي التي تفضح صاحبها.
والآن نأتي للسؤال الأصلي وهو (كيف يستر الله علي ولا يفضحني بذنوبي):
الجواب: علينا أن نتوب توبة نصوحا ونستغفر الله من ذنوبنا، فان التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما ورد في بعض الروايات الشريفة (راجع الكافي ج2 ص435)..
فاذا تبنا توبة نصوحا وتقبل الله تعالى توبتنا لم يبق عندنا ذنب حتى ننفضح به..
واذا وعينا هذا الشيء نستطيع فهم الرواية السابقة -التي نقلناها عن الإمام الرضا (ع)- بعمق أكثر، فهي تفيد أن الذنب ما دام موجودا فله رائحة كريهة تشع وتؤذي كل من يشمها، لكن سرعان ما تتلاشى هذه الرائحة الكريهة وتتبدل إلى عطر إذا قام الانسان بالاستغفار وطلب المغفرة من الله تعالى..
بل إن رحمة الله تعالى بعبده المؤمن وحبه لعبده المؤمن التائب أكثر من هذا، فهو ليس فقط يقبل توبته ويجعله كمن لا ذنب له، بل أيضا لا يجعل شيئا يشهد عليه بذنوبه يوم القيامة، فيستر عليه في الدنيا والآخرة..
فعن معاوية ابن وهب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة.
فقلت: وكيف يستر عليه؟
قال: ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب، ويوحي إلى جوارحه: اكتمي عليه ذنوبه، ويوحي إلى بقاع الأرض اكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى الله حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب.
الكافي ج2 ص430.
ملاحظة:
فسرت التوبة النصوح في بعض الروايات بعدم العود مرة أخرى إلى الذنب.
فعن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل "يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا" قال: يتوب العبد من الذنب ثم لا يعود فيه.
الكافي ج2 ص432.
والحمدلله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق